المرفوع من الأسماء
يرفع الاسم إذا وقع فاعلاً، أو نائب فاعل، أو مبتدأ، أو خبراً، أو اسماً لكان وأخواتها وما ألحق بها، أو خبراً لإن وأخواتها.
وقد تقدمت أحكام (كان وأخواتها) وما ألحق بها كاملة في بحوث الأفعال (ص66) فارجع إليها. وإليك البقية في أربعة مباحث:
الفاعل
كل اسم دلَّ على من فعَل الفعلَ أَو
اتصف به وسُبق بفعل مبني للمعلوم أَو شبهه مثل: (قرأت الطالبةُ، ونام
الطفلُ، وجاري حسنةٌ دارُه).
وشبه الفعل في هذا الباب خمسة:
1- اسم الفعل مثل: هيهات السفرُ.
2- اسم الفاعل مثل: هذا هو الناجحُ ولدُه. أَخوك فتاكٌ سلاحُه.
3- والصفة المشبهة مثل: عاشر امرأً حسناً خلقُه.
4- وما كان في معنى الصفة المشبهة من
الأَسماءِ الجامدة مثل: خالد علقمٌ لقاؤُه. و(علقم) هنا بمعنى الصفة
المشبهة (مُرٌّ) ولذا عمل عملها.
5- واسم التفضيل مثل مررت بكريمٍ أَكرمَ منه أَبوه.
وأَشباه الفعل هذه مرت أَحكامها آنفاً، والمرفوع بعدها فاعل لها.
وإليك أحكاماً تتعلق بمطابقة الفاعل
لفعله تذكيراً وتأنيثاً وإفراداً وجمعاً، ويجره لفظاً، بوقوعه ضميراً أو
مؤولاً أو جملة، وبتقديمه على مفعوله وتأخيره عنه، وبحذفه وحذف فعله
أحياناً.
1- مطابقته لفعله:
أ- الأَصل أَن يؤنث الفعل مع الفاعل المؤنث ويذكَّر مع المذكر تقول (سافر أَخوك حين طلعت الشمس).
وجوّزوا ترك المطابقة في الأحوال الآتية:
1- إذا كان بين الفعل والفاعل المؤنث فاصلٌ ما: قرأَ اليوم فاطمة.
2- إذا كان الفاعل مجازي التأْنيث: طلع الشمس.
3- إذا كان الفاعل جمع تكسير: حضر الطلاب ونُشر الصحف = حضرت الطلاب ونشرت الصحف.
4- إذا كان الفعل من أَفعال المدح والذم: نعم المرأةُ أَسماء = نعمت المرأَة أَسماء.
5- إِذا كان الفاعل مفرده مؤنثاً لفظاً فقط: جاءَ الطلحات = جاءَت الطلحات.
6- إِذا كان الفاعل ملحقاً بجمع سالم للمذكر أَو المؤنث: يقرأُ البنون: تقرأُ البنون، قرأَ البنات: قرأَت البنات.
7- إِذا كان الفاعل من أَسماءِ الجموع
مثل: (قوم، نساءٌ) أَو من أَسماءِ الأَجناس الجمعية مثل: (العرب، الترك،
الروم)، تقول: حضر النساءُ = حضرت النساءُ، يأْبى العرب الضيم = تأْبى
العرب الضيم.
هذا ويجب ترك التأْنيث إِذا فصل بين
المؤنث الحقيقي وفعله كلمة (إِلا) مثل: ما حضر إِلا هند. وذلك لأَن المعنى
(ما حضر أحد) فإِذا كان الفاعل ضميراً منفصلاً جاز الأَمران: ما حضر إِلا
هي = ما حضرت إِلا هي.
وإِذا كان الفاعل ضميراً يعود إلى
متقدم فالمطابقة واجبة لا محالة، تقول: الشمس طلعت، أَسماءُ نعمت امرأَةً،
البنات قرأَتْ (أَو قرأْن).
ملاحظة:
قد يكتسب الفاعل المضاف من المضاف إليه التذكير أو التأنيث إذا صح قيام
المضاف إليه مقام المضاف بعد حذفه مثل: (شيّبه صروف الدهر وأهمته شأن
صغيراته) والمطابقة تقضي تأنيث الفعل الأول وتذكير الثاني، وإنما جاز ذلك
لأنه يصح إسناد الفعل إلى المضاف إليه فتقول (شبيه الدهر، وأهمته صغيراته)
فلوحظ في ترك المطابقة لفظ المضاف إليه، ولا يجوز ذلك في مثل (قابلني أخو
هند) لتغير المعنى إذ لا يصح إسناد (هند) إلى (قابلني) لأن الذي قابلني
أخوها لا هي.
ب- أَما من حيث الإِفراد والتثنية
والجمع، فالفعل المتقدم يلازم الإِفراد دائماً سواءٌ أَكان الفاعل مفرداً
أَم مثنى أم جمعاً. تقول في ذلك: (حضر الرجل، حضر الرجلان، حضر الرجال،
حضرت المرأة، حضرت المرأَتان، حضرت النسوة) بصيغة الإفراد ليس غير، وما
ورد على خلاف ذلك فشاذ لا يعتد به.
هناك شواهد شعرية قليلة مثل: (وقد
أسلماه مبعد وحميم)، ورواية عن بعض العرب أنه قال: (أكلوني البراغيث). وقد
أراد قوم أن يخرجوا هذه اللغة التي نسبت إلى بعض طيء وبعض أزد شنوءة،
فذهبوا في ذلك مذهبين: منهم من جعل الضمير فاعلاً والاسم المرفوع بعده
بدلاً منه، ومنهم من جعله حرفاً دالاً على التثنية أو الجمع لا ضميراً،
والفاعل الاسم المرفوع بعده.
ولا حاجة إلى التخريج، فهذه الروايات
إن صحت فهي شاذة ولغتها رديئة ولم يخطئ من نبزها بلغة (أكلوني البراغيث).
إلا أن ما يجب التنبيه إليه هنا هو أن بعضاً من فضلاء النحاة الأقدمين
توهم فظن آية {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}
وحديث ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) من هذه اللغة،
وليس ذلك بصحيح، ففاعل (أسروا) وهو واو الجماعة عائد على (الناس) في أول
السورة، و(الذين) فاعل! (قال) المحذوفة، وأسلوب القرآن الكريم جرى على حذف
فعل القول اكتفاء بإثبات المقول في مواضع عدة، والحديث له أول: ((إن لله
ملائكة يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل.. إلخ)).
وبقيت هذه اللغة الرديئة مفتقرة إلى شاهد صحيح لا ضرورة فيه.
2- جره لفظاً:
يجر الفاعل لفظاً على الوجوب في موضع واحد هو صيغة التعجب (أَكرمْ بخالد) فزيادة الباءِ هنا واجبة.
وقد يجر لفظاً جوازاً بثلاثة أَحرف جر زائدة هي: ((من، الباء، اللام)).
فأَما ((مِن)) فتجوز زيادتها بعد نفي
أَو نهي أَو استفهام إِذا كان الفاعل نكرة مثل: (ما سافر من أَحد، لا
يتأَخر منكم من أَحد، هل أصاب أَخاك من شيءٍ).
وأَما الباءُ فتزاد بعد ((كفى)) مثل: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}.
وأَما اللام فسمع زيادتها على فاعل اسم الفعل ((هيهات)) مثل: {هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ}.
هذا وكثيراً ما يضاف المصدر واسم
المصدر إلى فاعلهما في المعنى فيجرانه لفظاً على الإِضافة مثل (سرني
إكرامك الفقيرَ وعونُ خالدٍ العاجزين)، فكل من الضمير في (إِكرامك)
و(خالد) مضاف إليه لفظاً، والضمير فاعل للمصدر وخالدٌ فاعل اسم المصدر في
المعنى.
والفاعل في كل ذلك مجرور اللفظ مرفوع تقديراً.
3- وقوعه اسماً ظاهراً أو ضميراً أو مؤوّلاً أو جملة
يسافر الأَمير - أَخواك أَصابا وما أَخطأَ إلا أَنت - سرني أَن تنجح - {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ}.
فاعل الجملة الأُولى اسم ظاهر
(الأمير)، وفاعل (أَصابا) ضمير التثنية المتصل العائد على (أَخواك)، وفاعل
أَخطأَ الضمير المنفصل (أَنت)، وفاعل (سر) جملة (تنجح) المؤولة مع الحرف
المصدري ((أَن)) بالمصدر ((نجاحك)) وفاعل (تبين) جملة {كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ}.
ولا خلاف في وقوع الفاعل اسماً صريحاً
أو ضميراً ((مستتراً أو بارزاً)) أو مؤولاً بعد أحد الحروف المصدرية
الثلاثة ((أَنْ، أَنّ، ما)) وإنما الخلاف في وقوعه جملة:
فبعض النحاة يمنعه ويقدر فاعلاً من مصدر الفعل، فيقول في مثل الجملة الأخيرة: إن الفاعل (التبيّن) مقدراً، وجملة {كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ}مفسر للتبين المقدر هكذا: (وتبين لكم التبينُ: كيف فعلنا بهم). وآخرون يجيزون وقوعه جملة ويستغنون عن تكلف التقدير.
هذا ويذكر الطالب أن ضمير الغائب
والغائبة مستتر جوازاً في الماضي والمضارع لا يستثنى إلا ضمير فعل التعجب:
(ما أجمل الإنصاف) وإلا ضمير أفعال الاستثناء (خلا، عدا، حاشا) فاستتاره
فيها جميعاً واجب. وأما ضمائر المتكلم الواحد والمخاطب الواحد في المضارع
والأمر وأسماء الأفعال فمستتره وجوباً دائماً.
4- تقديمه على مفعوله وتأخيره عنه:
الأَصل في الترتيب أَن يأْتي الفاعل
بعد الفعل ثم يأْتي المفعول به تقولك (قرأَ خالدٌ الصحيفةَ) ويجوز أَن
تعكس الترتيب فتقول (قرأَ الصحيفةَ خالدٌ).
ويتحتم تقديم الفاعل على المفعول به في المواضع الأَربعة الآتية:
أَ- إِذا كانت علامات الإِعراب لا تظهر
عليهما فحذراً من وقوع الالتباس عند عدم القرينة نقدم الفاعل مثل: (أَكرم
مصطفى موسى، وكلم أَخي هؤلاءِ)، فإِن وجدت القرينة جاز التقديم والتأْخير
مثل: (أَكرمتْ أُختي موسى، أَكرمتْ موسى أُختي).
ب- أَن يحصر الفعل في المفعول به: (ما قرأَ خالدٌ إِلا كتابين، إِنما أَكل فريد رغيفاً).
ومن النحاة من جوّز التقديم والتأخير إذا كان الحصر بـ(إِلا) فقط.
جـ- أن يكون الفاعل ضميراً والمفعول به اسماً ظاهراً: قابلت خالداً.
د- أَن يكونا ضميرين ولا حصر في الكلام: قابلته.
ويجب تأخير الفاعل وجوباً في المواضع الثلاثة الآتية:
أَ- إِذا اتصل بضمير يعود على المفعول
مثل: (سكن الدارَ صاحبُها) ولولا تأْخير الفاعل لعاد الضمير على المفعول
المتأَخر لفظاً ورتبة وهو غير جائز.
ب- إِذا كان اسماً ظاهراً والمفعول ضميراً مثل (قابلني أَخوك).
جـ- أَن يحصر الفعل فيه: (ما أَكرم خالداً إِلا سعيد، إِنما أَكل الرغيف أَخوك).
5- حذفه، وحذف فعله:
الفاعل ركن في الجملة لابدَّ منه،
سواءٌ أَكان اسماً صريحاً أَم ضميراً راجعاً إلى مذكور، وقد يكون ضميراً
لما تدل عليه قرينة حالية مثل: (حتى توارتْ بالحجاب) أي توارت الشمس، ولم
يسبق للشمس ذكر لكنها مفهومة من سياق الكلام، ومثل: (إذا كان غداً سافرنا)
والمقدر: كلمة (الحال) أَو (ما نحن فيه من عزم وسلامة إلخ). وقد يكون
ضميراً لما يدل عليه قرينة لفظية كالحديث المشهور: ((لا يزني الزاني حين
يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)) وظاهر أَن ضمير يشرب
يعود على (الشارب) المفهوم من الفعل.
.
يرفع الاسم إذا وقع فاعلاً، أو نائب فاعل، أو مبتدأ، أو خبراً، أو اسماً لكان وأخواتها وما ألحق بها، أو خبراً لإن وأخواتها.
وقد تقدمت أحكام (كان وأخواتها) وما ألحق بها كاملة في بحوث الأفعال (ص66) فارجع إليها. وإليك البقية في أربعة مباحث:
الفاعل
كل اسم دلَّ على من فعَل الفعلَ أَو
اتصف به وسُبق بفعل مبني للمعلوم أَو شبهه مثل: (قرأت الطالبةُ، ونام
الطفلُ، وجاري حسنةٌ دارُه).
وشبه الفعل في هذا الباب خمسة:
1- اسم الفعل مثل: هيهات السفرُ.
2- اسم الفاعل مثل: هذا هو الناجحُ ولدُه. أَخوك فتاكٌ سلاحُه.
3- والصفة المشبهة مثل: عاشر امرأً حسناً خلقُه.
4- وما كان في معنى الصفة المشبهة من
الأَسماءِ الجامدة مثل: خالد علقمٌ لقاؤُه. و(علقم) هنا بمعنى الصفة
المشبهة (مُرٌّ) ولذا عمل عملها.
5- واسم التفضيل مثل مررت بكريمٍ أَكرمَ منه أَبوه.
وأَشباه الفعل هذه مرت أَحكامها آنفاً، والمرفوع بعدها فاعل لها.
وإليك أحكاماً تتعلق بمطابقة الفاعل
لفعله تذكيراً وتأنيثاً وإفراداً وجمعاً، ويجره لفظاً، بوقوعه ضميراً أو
مؤولاً أو جملة، وبتقديمه على مفعوله وتأخيره عنه، وبحذفه وحذف فعله
أحياناً.
1- مطابقته لفعله:
أ- الأَصل أَن يؤنث الفعل مع الفاعل المؤنث ويذكَّر مع المذكر تقول (سافر أَخوك حين طلعت الشمس).
وجوّزوا ترك المطابقة في الأحوال الآتية:
1- إذا كان بين الفعل والفاعل المؤنث فاصلٌ ما: قرأَ اليوم فاطمة.
2- إذا كان الفاعل مجازي التأْنيث: طلع الشمس.
3- إذا كان الفاعل جمع تكسير: حضر الطلاب ونُشر الصحف = حضرت الطلاب ونشرت الصحف.
4- إذا كان الفعل من أَفعال المدح والذم: نعم المرأةُ أَسماء = نعمت المرأَة أَسماء.
5- إِذا كان الفاعل مفرده مؤنثاً لفظاً فقط: جاءَ الطلحات = جاءَت الطلحات.
6- إِذا كان الفاعل ملحقاً بجمع سالم للمذكر أَو المؤنث: يقرأُ البنون: تقرأُ البنون، قرأَ البنات: قرأَت البنات.
7- إِذا كان الفاعل من أَسماءِ الجموع
مثل: (قوم، نساءٌ) أَو من أَسماءِ الأَجناس الجمعية مثل: (العرب، الترك،
الروم)، تقول: حضر النساءُ = حضرت النساءُ، يأْبى العرب الضيم = تأْبى
العرب الضيم.
هذا ويجب ترك التأْنيث إِذا فصل بين
المؤنث الحقيقي وفعله كلمة (إِلا) مثل: ما حضر إِلا هند. وذلك لأَن المعنى
(ما حضر أحد) فإِذا كان الفاعل ضميراً منفصلاً جاز الأَمران: ما حضر إِلا
هي = ما حضرت إِلا هي.
وإِذا كان الفاعل ضميراً يعود إلى
متقدم فالمطابقة واجبة لا محالة، تقول: الشمس طلعت، أَسماءُ نعمت امرأَةً،
البنات قرأَتْ (أَو قرأْن).
ملاحظة:
قد يكتسب الفاعل المضاف من المضاف إليه التذكير أو التأنيث إذا صح قيام
المضاف إليه مقام المضاف بعد حذفه مثل: (شيّبه صروف الدهر وأهمته شأن
صغيراته) والمطابقة تقضي تأنيث الفعل الأول وتذكير الثاني، وإنما جاز ذلك
لأنه يصح إسناد الفعل إلى المضاف إليه فتقول (شبيه الدهر، وأهمته صغيراته)
فلوحظ في ترك المطابقة لفظ المضاف إليه، ولا يجوز ذلك في مثل (قابلني أخو
هند) لتغير المعنى إذ لا يصح إسناد (هند) إلى (قابلني) لأن الذي قابلني
أخوها لا هي.
ب- أَما من حيث الإِفراد والتثنية
والجمع، فالفعل المتقدم يلازم الإِفراد دائماً سواءٌ أَكان الفاعل مفرداً
أَم مثنى أم جمعاً. تقول في ذلك: (حضر الرجل، حضر الرجلان، حضر الرجال،
حضرت المرأة، حضرت المرأَتان، حضرت النسوة) بصيغة الإفراد ليس غير، وما
ورد على خلاف ذلك فشاذ لا يعتد به.
هناك شواهد شعرية قليلة مثل: (وقد
أسلماه مبعد وحميم)، ورواية عن بعض العرب أنه قال: (أكلوني البراغيث). وقد
أراد قوم أن يخرجوا هذه اللغة التي نسبت إلى بعض طيء وبعض أزد شنوءة،
فذهبوا في ذلك مذهبين: منهم من جعل الضمير فاعلاً والاسم المرفوع بعده
بدلاً منه، ومنهم من جعله حرفاً دالاً على التثنية أو الجمع لا ضميراً،
والفاعل الاسم المرفوع بعده.
ولا حاجة إلى التخريج، فهذه الروايات
إن صحت فهي شاذة ولغتها رديئة ولم يخطئ من نبزها بلغة (أكلوني البراغيث).
إلا أن ما يجب التنبيه إليه هنا هو أن بعضاً من فضلاء النحاة الأقدمين
توهم فظن آية {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}
وحديث ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) من هذه اللغة،
وليس ذلك بصحيح، ففاعل (أسروا) وهو واو الجماعة عائد على (الناس) في أول
السورة، و(الذين) فاعل! (قال) المحذوفة، وأسلوب القرآن الكريم جرى على حذف
فعل القول اكتفاء بإثبات المقول في مواضع عدة، والحديث له أول: ((إن لله
ملائكة يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل.. إلخ)).
وبقيت هذه اللغة الرديئة مفتقرة إلى شاهد صحيح لا ضرورة فيه.
2- جره لفظاً:
يجر الفاعل لفظاً على الوجوب في موضع واحد هو صيغة التعجب (أَكرمْ بخالد) فزيادة الباءِ هنا واجبة.
وقد يجر لفظاً جوازاً بثلاثة أَحرف جر زائدة هي: ((من، الباء، اللام)).
فأَما ((مِن)) فتجوز زيادتها بعد نفي
أَو نهي أَو استفهام إِذا كان الفاعل نكرة مثل: (ما سافر من أَحد، لا
يتأَخر منكم من أَحد، هل أصاب أَخاك من شيءٍ).
وأَما الباءُ فتزاد بعد ((كفى)) مثل: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}.
وأَما اللام فسمع زيادتها على فاعل اسم الفعل ((هيهات)) مثل: {هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ}.
هذا وكثيراً ما يضاف المصدر واسم
المصدر إلى فاعلهما في المعنى فيجرانه لفظاً على الإِضافة مثل (سرني
إكرامك الفقيرَ وعونُ خالدٍ العاجزين)، فكل من الضمير في (إِكرامك)
و(خالد) مضاف إليه لفظاً، والضمير فاعل للمصدر وخالدٌ فاعل اسم المصدر في
المعنى.
والفاعل في كل ذلك مجرور اللفظ مرفوع تقديراً.
3- وقوعه اسماً ظاهراً أو ضميراً أو مؤوّلاً أو جملة
يسافر الأَمير - أَخواك أَصابا وما أَخطأَ إلا أَنت - سرني أَن تنجح - {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ}.
فاعل الجملة الأُولى اسم ظاهر
(الأمير)، وفاعل (أَصابا) ضمير التثنية المتصل العائد على (أَخواك)، وفاعل
أَخطأَ الضمير المنفصل (أَنت)، وفاعل (سر) جملة (تنجح) المؤولة مع الحرف
المصدري ((أَن)) بالمصدر ((نجاحك)) وفاعل (تبين) جملة {كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ}.
ولا خلاف في وقوع الفاعل اسماً صريحاً
أو ضميراً ((مستتراً أو بارزاً)) أو مؤولاً بعد أحد الحروف المصدرية
الثلاثة ((أَنْ، أَنّ، ما)) وإنما الخلاف في وقوعه جملة:
فبعض النحاة يمنعه ويقدر فاعلاً من مصدر الفعل، فيقول في مثل الجملة الأخيرة: إن الفاعل (التبيّن) مقدراً، وجملة {كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ}مفسر للتبين المقدر هكذا: (وتبين لكم التبينُ: كيف فعلنا بهم). وآخرون يجيزون وقوعه جملة ويستغنون عن تكلف التقدير.
هذا ويذكر الطالب أن ضمير الغائب
والغائبة مستتر جوازاً في الماضي والمضارع لا يستثنى إلا ضمير فعل التعجب:
(ما أجمل الإنصاف) وإلا ضمير أفعال الاستثناء (خلا، عدا، حاشا) فاستتاره
فيها جميعاً واجب. وأما ضمائر المتكلم الواحد والمخاطب الواحد في المضارع
والأمر وأسماء الأفعال فمستتره وجوباً دائماً.
4- تقديمه على مفعوله وتأخيره عنه:
الأَصل في الترتيب أَن يأْتي الفاعل
بعد الفعل ثم يأْتي المفعول به تقولك (قرأَ خالدٌ الصحيفةَ) ويجوز أَن
تعكس الترتيب فتقول (قرأَ الصحيفةَ خالدٌ).
ويتحتم تقديم الفاعل على المفعول به في المواضع الأَربعة الآتية:
أَ- إِذا كانت علامات الإِعراب لا تظهر
عليهما فحذراً من وقوع الالتباس عند عدم القرينة نقدم الفاعل مثل: (أَكرم
مصطفى موسى، وكلم أَخي هؤلاءِ)، فإِن وجدت القرينة جاز التقديم والتأْخير
مثل: (أَكرمتْ أُختي موسى، أَكرمتْ موسى أُختي).
ب- أَن يحصر الفعل في المفعول به: (ما قرأَ خالدٌ إِلا كتابين، إِنما أَكل فريد رغيفاً).
ومن النحاة من جوّز التقديم والتأخير إذا كان الحصر بـ(إِلا) فقط.
جـ- أن يكون الفاعل ضميراً والمفعول به اسماً ظاهراً: قابلت خالداً.
د- أَن يكونا ضميرين ولا حصر في الكلام: قابلته.
ويجب تأخير الفاعل وجوباً في المواضع الثلاثة الآتية:
أَ- إِذا اتصل بضمير يعود على المفعول
مثل: (سكن الدارَ صاحبُها) ولولا تأْخير الفاعل لعاد الضمير على المفعول
المتأَخر لفظاً ورتبة وهو غير جائز.
ب- إِذا كان اسماً ظاهراً والمفعول ضميراً مثل (قابلني أَخوك).
جـ- أَن يحصر الفعل فيه: (ما أَكرم خالداً إِلا سعيد، إِنما أَكل الرغيف أَخوك).
5- حذفه، وحذف فعله:
الفاعل ركن في الجملة لابدَّ منه،
سواءٌ أَكان اسماً صريحاً أَم ضميراً راجعاً إلى مذكور، وقد يكون ضميراً
لما تدل عليه قرينة حالية مثل: (حتى توارتْ بالحجاب) أي توارت الشمس، ولم
يسبق للشمس ذكر لكنها مفهومة من سياق الكلام، ومثل: (إذا كان غداً سافرنا)
والمقدر: كلمة (الحال) أَو (ما نحن فيه من عزم وسلامة إلخ). وقد يكون
ضميراً لما يدل عليه قرينة لفظية كالحديث المشهور: ((لا يزني الزاني حين
يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)) وظاهر أَن ضمير يشرب
يعود على (الشارب) المفهوم من الفعل.
.