* مملكة آشور *
آشور (Assyria, Ashur) هي مملكة كانت أول دولة قامت في مدينة آشور في شمال بلاد مابين النهرين. وتوسعت في الألف الثانية ق.م. وامتدت شمالا لمدن نينوي ونمرود و خورسباد .
ولقد حكم الملك شمشي مدينة آشور عام 1813 ق.م. . واستولي حمورابي ملك بابل على آشور عام 1760 ق.م. إلا أن الملك الآشوري شلمنصر استولي على بابل وهزم الميتانيين عام 1273 ق.م. ثم إستولت آشور ثانية على بابل عام 1240 ق.م. .وفي عام 1000 ق.م. إستولي الآراميون على آشور . لكن الآشوريين إستولوا على فينيقيا عام 774 ق.م. وصور عام 734 ق.م. والسامرة عام 721 ق.م. وأسر سارجون الثاني اليهود في أورشليم عام 701 ق.م. وفي عام 686 ق.م. دمر الآشوريون مدينة بابل وحكموا مصر (671 ق.م. – 651 ق.م. ). وثار البابليون على حكم الآشوريين وهزموهم بمساعدة ميديا عام 612 ق.م. شن الآشوريون حملاتهم على سوريا وتركيا وإيران .
الإمبراطورية الآشوريةوكانت مملكة آشور دولة عسكرية تقوم على العبيد . وكان لها إنجازات معمارية وتصنع التماثيل ولاسيما تماثيل الثيران المجنحة التي كانت تقام أمام القصر الملكي . وزينت الجدران بنقوش المعارك ورحلات الصيد .
وما بين سنتي 883 ق.م. و612ق.م. أقامت إمبراطورية من النيل للقوقاز . ومن ملوكها العظام آشوربانيبال وتغلات فلاصر الثالث وسرجون الثاني وسنحاريب وآشورناصربال و اسرحادون(والد آشور بانيبال) الذي كان مهووسا بحب اذلال الملوك حيث كان يجبر الملوك التابعين له على المجيء إلى عاصمته والعمل في ظروف قاسية لبناء قصوره في نينوى وآخر ملوك آشور المدعو آشور اوباليط الذي اقام مقر قيادة مؤقت في حران (الجزيرة الفراتية)بعد سقوط نينوى بيد البابليين (بقيادة نابو بولاصر الكلداني)محاولا تاخير المذبحة الشاملة للشعب الآشوري . وكانت كتابة الآشوريين الكتابة المسمارية التي كانت تكتب علي ألواح الطين . وأشهر مخطوطاتها ملحمة جلجماش التي ورد بها الطوفان لأول مرة . وكانت علومهم مرتبطة بالزراعة ونظام العد الحسابي السومري الذي عرف بنظام الستينات وكان يعرفون أن الدائرة 60 درجة . كما عرفوا الكسور والمربع والمكعب والجذر التربيعي . وتقدموا في الفلك وحسبوا محيط خمسة كواكب ، وكان لهم تقويمهم القمري وقسموا السنة لشهور والشهور لأيام . وكان اليوم عندهم 12ساعة والساعة 30 دقيقة . وكانت مكتبة الملك آشور بانيبال من أشهر المكتبات في العالم القديم حيث جمع كل الألواح بها من شتي مكتبات بلاده .
الآشوريون من القبائل السامية، التي قطنت المنطقة الشمالية من حوض نهر دجلة، بعد التقاء هجرتين من مناطق الجوار، الأولى التي تمثلت في نزوح العناصر السامية من منطقة بابل خلال العهد الأكدي.. أما الثانية فإنها تمثلت في هجرة الآراميين من سوريا وهم من الأقوام السامية إلى المنطقة. وبقدر التأكيد على "ساميّة" أصول الآشوريين، فإن حالة الاختلاط مع الأقوام الأخرى كان لابد لها أن تظهر في ارتباطها ببعض الأقوام غير السامية، من حيثيين وأكراد (1).
كان الارتباط السياسي بالنسبة للآشوريين، قد وضح في الخضوع لسيطرة أسرة أور الثالثة. والتي ما إن بدأ سلطانها بالزوال، حتى تطلع الملك "بوزور آشور الأول" لإعلان الاستقلال والعمل على تأسيس الحكم الآشوري خلال العام 2000 ق.م، ليبدأ التحرك نحو مناطق الحوض الجنوبي من وادي الرافدين. والواقع أن الآموريين بدأوا في إعلان ولائهم للآشوريين من أجل التمكن من الاستقرار من منطقة مركز الحكم الآشوري، وبالتالي التمكن من النفاذ إلى قمة هرم السلطة والسيطرة على مؤسسة الحكم، وكان لهذه الحركة أثرها في توسع النفوذ الآشوري إلى سواحل البحر المتوسط. إلا أن ظهور الملك حمورابي كان قد أوقف مرحلة التوسع الآشوري، بعد أن أخضعها تحت نفوذه.
بعد سقوط الدولة البابلية الأولى على يد الحيثيين، فإن الآشوريين تمكنوا من استثمار الفرصة، لإعلان استقلالهم على يد الملك "شمش آدار الثاني" في العام 1380 ق.م، الذي تميز عهده بالعمل الجاد والدؤوب على إعادة بناء وتوسيع الدولة الآشورية، إلا أن خلفاءه لم يكونوا بمستوى طموحاته، هذا بالإضافة إلى حالة الخطر والتهديد الذي ظهر على يد الميتانيين من القبائل الحورية خلال منتصف الألف الثاني ق.م، حيث قيض لهم السيطرة على الدولة الآشورية حوالي مائة عام.
ساهمت العلاقات الدولية المحتدمة بين القوى الناهضة، في تغيير ملامح الصورة السياسية العامة، إذ لم تستقر الأوضاع، بقدر ما كانت الطموحات هي الدافع الرئيس في صدام القوى، وتوجيه التحالفات، فالميتانيون كانوا قد دخلوا في صراع سياسي وعسكري ضد الحيثيين، هذا بالإضافة إلى الانقسام الذي ظهر داخل البيت الميتاني الحاكم، ليتبلور الاتجاه لدى ملك آشور المدعو "آشور أوبلط الأول" في إعلان تحالفه مع أحد أطراف النزاع الداخلي.
إن النتائج التي تمكن أن يحصل عليها الملك الآشوري، لاسيما في التخلص من النفوذ الميتاني والتمكن من اقتسام بلادهم، أن جعله يتوجه نحو توطيد أواصر علاقاته السياسية، مع القوى السياسية الفاعلة، حيث أقدم على الزواج من ابنة الملك الكاشي الذي كان يفرض نفوذه على بابل (2). وقد حظيت مملكة آشور بملوك خلفوا "آشور أوبلط" كانوا على مستوى المسؤولية وانتهجوا ذات الأسلوب الذي سار عليه، ليثمر عن ذلك خلال القرن التاسع ق.م، بلوغ مستوى الإمبراطورية الآشورية بكل قوتها ونفوذها السياسي. من الملوك الآشوريين البارزين "شلمنصر الأول" الذي دام حكمه 1266-1243 ق.م، وتطلع إلى توجيه العديد من الحملات العسكرية وعمل على استبدال العاصمة "آشور" بمدينة "نمرود". أما العمل الأبرز فكان على يد الملك "توكلتي ننورتا" 1243-1221 ق.م، الذي تمكن من السيطرة على بلاد بابل، وتوسيع سلطانه في الجهات الشرقية والغربية. لكن بعد وفاة هذا الملك دخلت آشور في مرحلة الضعف السياسي، نتيجة لوصول ملوك ضعاف الشخصية، غير قادرين على إدارة مقاليد الحكم، واستمرت هذه الفترة حوالي مائة عام، حتى بلوغ الملك "تجلات بلاسر الأول" 1116-1090 ق.م إلى سدة الحكم، لتكون هذه الفترة مليئة بالانجازات العسكرية الكبيرة، حيث تمكن من تحقيق الانتصارات المتوالية في الأصقاع البعيدة، في البحر الأسود وسواحل آسيا الصغرى والمدن الفينيقية، هذا بالإضافة إلى استعادة السيطرة على مملكة بابل (3). وإعادة نقله العاصمة إلى المدينة القديمة "آشور" والعمل على إعادة بنائها من جديد، وذلك بعد أن توفرت الأموال اللازمة التي كانت تأتي إلى العاصمة من مختلف الأقاليم التي تمت السيطرة عليها.
على الرغم من الجهود التي بذلها "تجلات بلاسر" في تدعيم الملك الآشوري وبناء الدولة، إلا أن الخطر الآرامي مثل تهديداً حقيقياً للآشوريين، لاسيما خلال القرن الحادي عشر ق.م، لكن القرن التاسع عشر ق.م، شهد نهوضاً آشورياً جديداً على يد الملك "آداد نيراري الثاني" 913-890 ق.م، الذي عمل على مواجهة الخطر الآرامي من خلال إخضاعهم للسلطان الآشوري. وتطلع نحو محاربة بابل لتسفر عن توقيع معاهدة بين الطرفين، اعترفت فيها مملكة بابل بترسيم الحدود مع الجانب الآشوري.
أما المرحلة اللاحقة فقد تميزت في تحركات القبائل الجبلية في المناطق الشمالية، وتطلعات الآراميين في المنطقة الغربية حتى جاء الملك " آشور ناصر بال الثاني" 883-859 ق.م، الذي وضع لمساته الخاصة في مجال التنظيمات العسكرية، حيث توسع في مجال استخدام العربات العسكرية والخيالة، مع العناية بالجانب الإداري، حيث كان للتوسع الكبير في الفتوحات، أثره في أهمية الاعتماد على ولادة ينوبون عن الملك في إدارة الأقاليم، لاسيما البعيدة منها. وكان الملك "شلمنصر الثالث 858-824 ق.م، قد عمل على توسيع رقعة الحكم الآشوري، ليفرض الجزية على الممالك الواقعة في رأس الخليج العربي. هذا بالإضافة إلى الحملات التي وجهها نحو سوريا وفلسطين. ولعل الحادث الأكثر جسامة في تاريخ الملك شلمنصر، كان قد تمثل في الانتصار الذي حققه في معركة "قرقارة" عام 853 ق.م، عندما واجه التحالف الذي تم بين الآراميين، خصوصاً بعد تعرض مدينة "دمشق" لهجوم شلمنصر، وعلى الرغم من تمكن الملك من مواجهة جيوش اثنتا عشر مملكة آرامية، إلا أنه لم يتمكن من دخول "دمشق" (4). ومما فاقم في الأوضاع، ظهور حالة من التمرد الداخلي في الأسرة الحاكمة، حيث أعلن أحد أبناء الملك راية العصيان، مما كان له الأثر البالغ في فقدان مملكة آشور لبعض الأقاليم الآشورية-البابلية، من خلال إقدام الملك "شمش آداد الخامس 824-810 ق.م، للزواج من الأميرة البابلية "سميراميس" التي صارت الوصية على عرش ولدها الصغير بعد وفاة والده الملك. والواقع أن مملكة آشور كانت قد وقعت تحت حكم بعض الملوك الضعاف الذين لم يتمكنوا من تقديم، أي إنجاز سياسي، حتى ظهور الملك "تجلات بلاسر الثالث 745-727 ق.م.
آشور (Assyria, Ashur) هي مملكة كانت أول دولة قامت في مدينة آشور في شمال بلاد مابين النهرين. وتوسعت في الألف الثانية ق.م. وامتدت شمالا لمدن نينوي ونمرود و خورسباد .
ولقد حكم الملك شمشي مدينة آشور عام 1813 ق.م. . واستولي حمورابي ملك بابل على آشور عام 1760 ق.م. إلا أن الملك الآشوري شلمنصر استولي على بابل وهزم الميتانيين عام 1273 ق.م. ثم إستولت آشور ثانية على بابل عام 1240 ق.م. .وفي عام 1000 ق.م. إستولي الآراميون على آشور . لكن الآشوريين إستولوا على فينيقيا عام 774 ق.م. وصور عام 734 ق.م. والسامرة عام 721 ق.م. وأسر سارجون الثاني اليهود في أورشليم عام 701 ق.م. وفي عام 686 ق.م. دمر الآشوريون مدينة بابل وحكموا مصر (671 ق.م. – 651 ق.م. ). وثار البابليون على حكم الآشوريين وهزموهم بمساعدة ميديا عام 612 ق.م. شن الآشوريون حملاتهم على سوريا وتركيا وإيران .
الإمبراطورية الآشوريةوكانت مملكة آشور دولة عسكرية تقوم على العبيد . وكان لها إنجازات معمارية وتصنع التماثيل ولاسيما تماثيل الثيران المجنحة التي كانت تقام أمام القصر الملكي . وزينت الجدران بنقوش المعارك ورحلات الصيد .
وما بين سنتي 883 ق.م. و612ق.م. أقامت إمبراطورية من النيل للقوقاز . ومن ملوكها العظام آشوربانيبال وتغلات فلاصر الثالث وسرجون الثاني وسنحاريب وآشورناصربال و اسرحادون(والد آشور بانيبال) الذي كان مهووسا بحب اذلال الملوك حيث كان يجبر الملوك التابعين له على المجيء إلى عاصمته والعمل في ظروف قاسية لبناء قصوره في نينوى وآخر ملوك آشور المدعو آشور اوباليط الذي اقام مقر قيادة مؤقت في حران (الجزيرة الفراتية)بعد سقوط نينوى بيد البابليين (بقيادة نابو بولاصر الكلداني)محاولا تاخير المذبحة الشاملة للشعب الآشوري . وكانت كتابة الآشوريين الكتابة المسمارية التي كانت تكتب علي ألواح الطين . وأشهر مخطوطاتها ملحمة جلجماش التي ورد بها الطوفان لأول مرة . وكانت علومهم مرتبطة بالزراعة ونظام العد الحسابي السومري الذي عرف بنظام الستينات وكان يعرفون أن الدائرة 60 درجة . كما عرفوا الكسور والمربع والمكعب والجذر التربيعي . وتقدموا في الفلك وحسبوا محيط خمسة كواكب ، وكان لهم تقويمهم القمري وقسموا السنة لشهور والشهور لأيام . وكان اليوم عندهم 12ساعة والساعة 30 دقيقة . وكانت مكتبة الملك آشور بانيبال من أشهر المكتبات في العالم القديم حيث جمع كل الألواح بها من شتي مكتبات بلاده .
الآشوريون من القبائل السامية، التي قطنت المنطقة الشمالية من حوض نهر دجلة، بعد التقاء هجرتين من مناطق الجوار، الأولى التي تمثلت في نزوح العناصر السامية من منطقة بابل خلال العهد الأكدي.. أما الثانية فإنها تمثلت في هجرة الآراميين من سوريا وهم من الأقوام السامية إلى المنطقة. وبقدر التأكيد على "ساميّة" أصول الآشوريين، فإن حالة الاختلاط مع الأقوام الأخرى كان لابد لها أن تظهر في ارتباطها ببعض الأقوام غير السامية، من حيثيين وأكراد (1).
كان الارتباط السياسي بالنسبة للآشوريين، قد وضح في الخضوع لسيطرة أسرة أور الثالثة. والتي ما إن بدأ سلطانها بالزوال، حتى تطلع الملك "بوزور آشور الأول" لإعلان الاستقلال والعمل على تأسيس الحكم الآشوري خلال العام 2000 ق.م، ليبدأ التحرك نحو مناطق الحوض الجنوبي من وادي الرافدين. والواقع أن الآموريين بدأوا في إعلان ولائهم للآشوريين من أجل التمكن من الاستقرار من منطقة مركز الحكم الآشوري، وبالتالي التمكن من النفاذ إلى قمة هرم السلطة والسيطرة على مؤسسة الحكم، وكان لهذه الحركة أثرها في توسع النفوذ الآشوري إلى سواحل البحر المتوسط. إلا أن ظهور الملك حمورابي كان قد أوقف مرحلة التوسع الآشوري، بعد أن أخضعها تحت نفوذه.
بعد سقوط الدولة البابلية الأولى على يد الحيثيين، فإن الآشوريين تمكنوا من استثمار الفرصة، لإعلان استقلالهم على يد الملك "شمش آدار الثاني" في العام 1380 ق.م، الذي تميز عهده بالعمل الجاد والدؤوب على إعادة بناء وتوسيع الدولة الآشورية، إلا أن خلفاءه لم يكونوا بمستوى طموحاته، هذا بالإضافة إلى حالة الخطر والتهديد الذي ظهر على يد الميتانيين من القبائل الحورية خلال منتصف الألف الثاني ق.م، حيث قيض لهم السيطرة على الدولة الآشورية حوالي مائة عام.
ساهمت العلاقات الدولية المحتدمة بين القوى الناهضة، في تغيير ملامح الصورة السياسية العامة، إذ لم تستقر الأوضاع، بقدر ما كانت الطموحات هي الدافع الرئيس في صدام القوى، وتوجيه التحالفات، فالميتانيون كانوا قد دخلوا في صراع سياسي وعسكري ضد الحيثيين، هذا بالإضافة إلى الانقسام الذي ظهر داخل البيت الميتاني الحاكم، ليتبلور الاتجاه لدى ملك آشور المدعو "آشور أوبلط الأول" في إعلان تحالفه مع أحد أطراف النزاع الداخلي.
إن النتائج التي تمكن أن يحصل عليها الملك الآشوري، لاسيما في التخلص من النفوذ الميتاني والتمكن من اقتسام بلادهم، أن جعله يتوجه نحو توطيد أواصر علاقاته السياسية، مع القوى السياسية الفاعلة، حيث أقدم على الزواج من ابنة الملك الكاشي الذي كان يفرض نفوذه على بابل (2). وقد حظيت مملكة آشور بملوك خلفوا "آشور أوبلط" كانوا على مستوى المسؤولية وانتهجوا ذات الأسلوب الذي سار عليه، ليثمر عن ذلك خلال القرن التاسع ق.م، بلوغ مستوى الإمبراطورية الآشورية بكل قوتها ونفوذها السياسي. من الملوك الآشوريين البارزين "شلمنصر الأول" الذي دام حكمه 1266-1243 ق.م، وتطلع إلى توجيه العديد من الحملات العسكرية وعمل على استبدال العاصمة "آشور" بمدينة "نمرود". أما العمل الأبرز فكان على يد الملك "توكلتي ننورتا" 1243-1221 ق.م، الذي تمكن من السيطرة على بلاد بابل، وتوسيع سلطانه في الجهات الشرقية والغربية. لكن بعد وفاة هذا الملك دخلت آشور في مرحلة الضعف السياسي، نتيجة لوصول ملوك ضعاف الشخصية، غير قادرين على إدارة مقاليد الحكم، واستمرت هذه الفترة حوالي مائة عام، حتى بلوغ الملك "تجلات بلاسر الأول" 1116-1090 ق.م إلى سدة الحكم، لتكون هذه الفترة مليئة بالانجازات العسكرية الكبيرة، حيث تمكن من تحقيق الانتصارات المتوالية في الأصقاع البعيدة، في البحر الأسود وسواحل آسيا الصغرى والمدن الفينيقية، هذا بالإضافة إلى استعادة السيطرة على مملكة بابل (3). وإعادة نقله العاصمة إلى المدينة القديمة "آشور" والعمل على إعادة بنائها من جديد، وذلك بعد أن توفرت الأموال اللازمة التي كانت تأتي إلى العاصمة من مختلف الأقاليم التي تمت السيطرة عليها.
على الرغم من الجهود التي بذلها "تجلات بلاسر" في تدعيم الملك الآشوري وبناء الدولة، إلا أن الخطر الآرامي مثل تهديداً حقيقياً للآشوريين، لاسيما خلال القرن الحادي عشر ق.م، لكن القرن التاسع عشر ق.م، شهد نهوضاً آشورياً جديداً على يد الملك "آداد نيراري الثاني" 913-890 ق.م، الذي عمل على مواجهة الخطر الآرامي من خلال إخضاعهم للسلطان الآشوري. وتطلع نحو محاربة بابل لتسفر عن توقيع معاهدة بين الطرفين، اعترفت فيها مملكة بابل بترسيم الحدود مع الجانب الآشوري.
أما المرحلة اللاحقة فقد تميزت في تحركات القبائل الجبلية في المناطق الشمالية، وتطلعات الآراميين في المنطقة الغربية حتى جاء الملك " آشور ناصر بال الثاني" 883-859 ق.م، الذي وضع لمساته الخاصة في مجال التنظيمات العسكرية، حيث توسع في مجال استخدام العربات العسكرية والخيالة، مع العناية بالجانب الإداري، حيث كان للتوسع الكبير في الفتوحات، أثره في أهمية الاعتماد على ولادة ينوبون عن الملك في إدارة الأقاليم، لاسيما البعيدة منها. وكان الملك "شلمنصر الثالث 858-824 ق.م، قد عمل على توسيع رقعة الحكم الآشوري، ليفرض الجزية على الممالك الواقعة في رأس الخليج العربي. هذا بالإضافة إلى الحملات التي وجهها نحو سوريا وفلسطين. ولعل الحادث الأكثر جسامة في تاريخ الملك شلمنصر، كان قد تمثل في الانتصار الذي حققه في معركة "قرقارة" عام 853 ق.م، عندما واجه التحالف الذي تم بين الآراميين، خصوصاً بعد تعرض مدينة "دمشق" لهجوم شلمنصر، وعلى الرغم من تمكن الملك من مواجهة جيوش اثنتا عشر مملكة آرامية، إلا أنه لم يتمكن من دخول "دمشق" (4). ومما فاقم في الأوضاع، ظهور حالة من التمرد الداخلي في الأسرة الحاكمة، حيث أعلن أحد أبناء الملك راية العصيان، مما كان له الأثر البالغ في فقدان مملكة آشور لبعض الأقاليم الآشورية-البابلية، من خلال إقدام الملك "شمش آداد الخامس 824-810 ق.م، للزواج من الأميرة البابلية "سميراميس" التي صارت الوصية على عرش ولدها الصغير بعد وفاة والده الملك. والواقع أن مملكة آشور كانت قد وقعت تحت حكم بعض الملوك الضعاف الذين لم يتمكنوا من تقديم، أي إنجاز سياسي، حتى ظهور الملك "تجلات بلاسر الثالث 745-727 ق.م.