بلزاك .. على درب الطموح
النبوغ كالحب , مامن احد يتقبله فى ارضنا الغنية , بصدر رحب , فلابد له من
العنف ليفرض نفسه ومن بواعث الاسى فقر المجتمع فقرا روحيا مدقعا , يجعله
عاجزا عن ادراك الساعات الاولى من صباح قدر جليل او مصير عظيم .. فالاباء
والمعاصرون يعيشون جميعا بلا تأثر او مبالاة بمجد بازغ مولود فلا يناله من
دهره الا حسرة الافئدة بعد فوات الاوان , عندما تتأمل جمال العبقرية
المفقوده ...
قرأت هذه الكلمات فى مقدمة كتاب عن امير الرواية الفرنسية " بلزاك" وهو من
اروع الروائيين فى فرنسا وشعرت انها تحوى الكثير من المعانى التى لا بد
لجيل الشباب فينا ان يغذيها فى نفسه وينميها , لما تعنيه من مدلولات ذات
اهمية كبيرة فى المثابرة والاجتهاد لتحقيق الطموح ..
وها هو بلزاك فى يونيه 1813 فى الرابعة عشرة من عمره على شاطئ " اللوار "
بمدينة " تور " يتنزه مع اخته بصحبة امهما صاح فج"أة : لور .. اتعرفين ان
اخاك سيصير رجلا عظيما .. فتضج الصغيرة بالضحك وترد عليه امه الحصيفة : "
مالك ولكلمات تجهل معناها " .
وبعد عام ينتقل والده للعمل بادارة المهمات الحربية فى باريس , ويشعر
اونويه بلزاك بالفخر لأنه اصبح ساكنى تلك المدينة الساحرة ... وكان قلبه
يشتعل شوقا لرؤية : نوتردام , واللوفر , والتويلرى , واين يسكن الامبراطور
, واين فصلوا رأس الملك عن المقصلة .. فلقد بدأ عهدا جديدا كله حماسة
وحيوية وكله انجذاب وافتتان ...
كان اونوريه ملكيا , ولكنه كان يرى رأى ابيه القائل بان لكل انسان الحق فى
ان يطمح الى المجد , بتكريس نفسه فى خدمة بلاده , وقضى اربعة اعوام فى
الدراسة منها سنتان بمدرسة الحقوق كان يذرع فيها باريس الشاسعة من اقصاها
الى اقصاها , وتابع بشغف دروس السوربون هذا هو تاريخه حتى سن العشرين .
كان يتملكه ويسيطر عليه قلق ملح , ورغبة جانحة : " حذار .. حذار ان تضيع
الوقت .." وعندما كانوا يزعمون انه يتنزه او يتجول كان يؤدى ما ينبغى له :
ينظر حياته .. ولما
كان يتجول فى باريس , مدفوعا بما يراه كان يبحث فى باريس , مدفوعا بما
يراه كان يبحث عن الامس , عن الماضى الغابر ويعجب به , ويمجده ويحييه ,
لأنه هو الذى سيلهمه المجد فى المستقبل . وقد بدت له الدنيا شريرة فى حين
الكتب هى الخيرة الكريمة . ولم بعد فى غرفته موضع لقدم بسبب ولعه الشديد
بقراءة الكتب , وكل ما يقرأ يثيره : التاريخ والاداب والعلوم .. وكان
مفتونا بمحاضرات السوربون , وكان يصغى للمحاضرين الى حد انه يتخيل نفسه
مكان المحاضر ويشعر بأنه هو الذى يلقى المحاضرة , وبينما يصفق كالاخرين
للاستاذ يحلم ويبتسم , وكأنه هو الذى القى المحاضرة وبجانب هذا فقد كان
كثير التردد على التياترو الفرنسى , وهو المسرح الوحيد الذى يعرض ايات فى
التمثيل وليس وراءه وقت يضيعه فى سواه والحق انه مامن شئ يؤثر فيه مثل
التياترو وكانت تغريه فكرة التأليف المرحى : شكسبير وموليير وسوفر ليكس ..
الامجاد العظمى , وهو يضيف الى هذه الاسماء اسم اونوريه بلزاك .. ولكن
والده فى الوقت نفسه كان يعد له مركزا من طراز اخر مركزا حرا يكسب منه
اونوريه كسبا مكفولا , ولكن اونوريه قال لوالده : " اتريدنى مسجلا للعقود
... شئ لا أفهمه .. اعرف انه فى الامكان ان يكون المرء قائدا عظيما , او
شاعرا عظيما او سياسيا عظيما .. وانى لراغب فى مثل هذه المهن ... ولكنى لا
ارى مسجلين للعقود عظماء .. ابدا ".
كان بلزاك يريد ان يكون نابليون الادب ذلك لأنه نشأ فى اوائل القرن الماضى
حيث كان نابليون فى ذلك الحين بطل الابطال , وكذلك كان بلزاك يريد ان يكون
اديب الادباء فى اوربا والعالم .. لقد كان موهبة رائعة وكان غزير الانتاج
غزير العاطفة , وقد استطاع بالجهد والطموح ان يحقق مجدا جعله واحدا من
اكبر عشرة عباقرة انجبتهم دنيا الادب العالمى , كما قال عنه البريطانى
سومرست موم وهو لم يكن روائيا فحسب بل كان انسانا مليئا بالعواطف
والاندفاعات , وكانت حياته قصة مثيرة من المغامرات ومن النجاح الضخم
والفشل الضخم , ولكنه بالطموح حقق المجد والنجاح التاريخى .
النبوغ كالحب , مامن احد يتقبله فى ارضنا الغنية , بصدر رحب , فلابد له من
العنف ليفرض نفسه ومن بواعث الاسى فقر المجتمع فقرا روحيا مدقعا , يجعله
عاجزا عن ادراك الساعات الاولى من صباح قدر جليل او مصير عظيم .. فالاباء
والمعاصرون يعيشون جميعا بلا تأثر او مبالاة بمجد بازغ مولود فلا يناله من
دهره الا حسرة الافئدة بعد فوات الاوان , عندما تتأمل جمال العبقرية
المفقوده ...
قرأت هذه الكلمات فى مقدمة كتاب عن امير الرواية الفرنسية " بلزاك" وهو من
اروع الروائيين فى فرنسا وشعرت انها تحوى الكثير من المعانى التى لا بد
لجيل الشباب فينا ان يغذيها فى نفسه وينميها , لما تعنيه من مدلولات ذات
اهمية كبيرة فى المثابرة والاجتهاد لتحقيق الطموح ..
وها هو بلزاك فى يونيه 1813 فى الرابعة عشرة من عمره على شاطئ " اللوار "
بمدينة " تور " يتنزه مع اخته بصحبة امهما صاح فج"أة : لور .. اتعرفين ان
اخاك سيصير رجلا عظيما .. فتضج الصغيرة بالضحك وترد عليه امه الحصيفة : "
مالك ولكلمات تجهل معناها " .
وبعد عام ينتقل والده للعمل بادارة المهمات الحربية فى باريس , ويشعر
اونويه بلزاك بالفخر لأنه اصبح ساكنى تلك المدينة الساحرة ... وكان قلبه
يشتعل شوقا لرؤية : نوتردام , واللوفر , والتويلرى , واين يسكن الامبراطور
, واين فصلوا رأس الملك عن المقصلة .. فلقد بدأ عهدا جديدا كله حماسة
وحيوية وكله انجذاب وافتتان ...
كان اونوريه ملكيا , ولكنه كان يرى رأى ابيه القائل بان لكل انسان الحق فى
ان يطمح الى المجد , بتكريس نفسه فى خدمة بلاده , وقضى اربعة اعوام فى
الدراسة منها سنتان بمدرسة الحقوق كان يذرع فيها باريس الشاسعة من اقصاها
الى اقصاها , وتابع بشغف دروس السوربون هذا هو تاريخه حتى سن العشرين .
كان يتملكه ويسيطر عليه قلق ملح , ورغبة جانحة : " حذار .. حذار ان تضيع
الوقت .." وعندما كانوا يزعمون انه يتنزه او يتجول كان يؤدى ما ينبغى له :
ينظر حياته .. ولما
كان يتجول فى باريس , مدفوعا بما يراه كان يبحث فى باريس , مدفوعا بما
يراه كان يبحث عن الامس , عن الماضى الغابر ويعجب به , ويمجده ويحييه ,
لأنه هو الذى سيلهمه المجد فى المستقبل . وقد بدت له الدنيا شريرة فى حين
الكتب هى الخيرة الكريمة . ولم بعد فى غرفته موضع لقدم بسبب ولعه الشديد
بقراءة الكتب , وكل ما يقرأ يثيره : التاريخ والاداب والعلوم .. وكان
مفتونا بمحاضرات السوربون , وكان يصغى للمحاضرين الى حد انه يتخيل نفسه
مكان المحاضر ويشعر بأنه هو الذى يلقى المحاضرة , وبينما يصفق كالاخرين
للاستاذ يحلم ويبتسم , وكأنه هو الذى القى المحاضرة وبجانب هذا فقد كان
كثير التردد على التياترو الفرنسى , وهو المسرح الوحيد الذى يعرض ايات فى
التمثيل وليس وراءه وقت يضيعه فى سواه والحق انه مامن شئ يؤثر فيه مثل
التياترو وكانت تغريه فكرة التأليف المرحى : شكسبير وموليير وسوفر ليكس ..
الامجاد العظمى , وهو يضيف الى هذه الاسماء اسم اونوريه بلزاك .. ولكن
والده فى الوقت نفسه كان يعد له مركزا من طراز اخر مركزا حرا يكسب منه
اونوريه كسبا مكفولا , ولكن اونوريه قال لوالده : " اتريدنى مسجلا للعقود
... شئ لا أفهمه .. اعرف انه فى الامكان ان يكون المرء قائدا عظيما , او
شاعرا عظيما او سياسيا عظيما .. وانى لراغب فى مثل هذه المهن ... ولكنى لا
ارى مسجلين للعقود عظماء .. ابدا ".
كان بلزاك يريد ان يكون نابليون الادب ذلك لأنه نشأ فى اوائل القرن الماضى
حيث كان نابليون فى ذلك الحين بطل الابطال , وكذلك كان بلزاك يريد ان يكون
اديب الادباء فى اوربا والعالم .. لقد كان موهبة رائعة وكان غزير الانتاج
غزير العاطفة , وقد استطاع بالجهد والطموح ان يحقق مجدا جعله واحدا من
اكبر عشرة عباقرة انجبتهم دنيا الادب العالمى , كما قال عنه البريطانى
سومرست موم وهو لم يكن روائيا فحسب بل كان انسانا مليئا بالعواطف
والاندفاعات , وكانت حياته قصة مثيرة من المغامرات ومن النجاح الضخم
والفشل الضخم , ولكنه بالطموح حقق المجد والنجاح التاريخى .