على بعد عشرات الامتار من المسجد الاقصى وبعمق 15 مترا عثر العلماء على موقع
يلقي مزيدا من الضوء على تاريخ مدينة القدس قبل آلاف السنين.
ووجدت حفريات اغريقية وفارسية ورومانية وبيزنطية واسلامية، بعضها يعود، كما
يقال، الى عصر الهيكل الثاني، اي في عهد عيسى المسيح.
علماء الآثار الاسرائيلين الجدد يحاولون تغير منهج المدرسة الاثرية القديمة التي
طالما ربطت بين علم الآثار من جهة والدين والتوراة من جهة اخرى.
البروفيسور دورون بن مالكي المشرف العام على الموقع الاثري اصطحبني في جولة في
القدس الاسلامية والبيزنطية والرومانية، ولكن عندما وصلنا الى قدس الهيكل الاول
سألته ان كان عنده دليل اثري علمي فأجاب: "فترة المعبد الاول ليست اسطورة بل حقبة
تاريخية، اما ما هي القصص الحقيقية فهذا سؤال آخر يحاول العلم الاجابة عليه، كلما
تقدمنا اكثر في الوقت توجد معلومات اكثر".
البروفيسور الاسرائيلي يرى ان عدم وجود آثار حقيقية ملموسة من تلك الفترة لا
ينفي وجود الهيكل، الذي تقول قصص التوراة ان الملك سليمان بناه، ويعزو ذلك الى وجود
دلائل في اماكن اخرى.
محاولات اثبات "الحقيقة"
اما علماء الاثار العرب فيخشون من ان يتحول البحث عن الحقيقة الى تغييب الحقيقة
القائمة وهدم الواقع الحالي ومنازل الفلسطينين للبحث عن هوية اليهود، علما ان
المسلمين يعتبرون سليمان الذي بنى الهيكل الاول نبي ابن نبي.
وفي هذا يرى خبراء ان المشكلة ليست بعلم الآثار بل بتأويل التاريخ لخدمة اهداف
سياسية.
البروفيسور دورون يرد على هذا باقول: "عندما كانت الادوات بدائية وبدون الكثير
من المعلومات اراد العلماء رؤية التوراة هنا، وحاولوا بكل الطرق ربط الامور ببعضها
ولما تطورت الوسائل ادركوا ان ليس كل الحقيقة كما أرادوها".
العلماء يحاولون فك الرموز والاسرار عبر سبر اعماق الزمن هنا، لتبقى الحقيقة
التاريخية غير مؤكدة، فالعثور على عملة معدنية سيوضح لهم الكثير، لكن المشكلة ايضا
هو ان العلماء الاسرائيلين والفلسطينين لا يعملون سويا بحثا عن الحقيقة التاريخية،
لهذا تلقى الحفريات في اي مكان آخر في العالم ترحيبا الا في القدس بسبب الصراع
السياسي ولاثبات او انكار الهوية.
تاريخ تحت الارض
انفاق وسراديب وممرات حفرت بموازة السور الغربي للمسجد الاقصى في المنطقة التي
يصلي فيها اليهود لايمانهم بأنه سور الهيكل اليهودي.
هنا يمكن رؤية تطور المدينة العمراني عبر العصور التاريخية المتعاقبة، فمستوى
المدينة الحالي غرب المسجد الاقصى رُفع في العصر المملوكي أي قبل سبعة قرون ببناء
الاقواس وفوقها المباني الاسلامية الحالية.
هذا ما قاله لي البروفيسور دان باهت الذي اشرف على الحفريات والانفاق في تلك
البقعة الحساسة.
هذه الحفريات لم تتوقف يوما رغم اعتراض الفلسطينين عليها وخوفهم من تصدع أبنيتهم
المقامة فوقها، لكن سلطة الاثار الاسرائيلية تواصل التنقيب في القدس بحثا عن آثار
تدل على الوجود التاريخي لليهود في فلسطين.
اعمال التنقيب التي تجري من دون التنسيق مع الفلسطينين ادت إلى حدوث العديد من
التشققات في المنازل ولم تتوقف هيئة الاوقاف الاسلامية عن التحذير من ان اعمال
التنقيب تؤثر على أساسات المسجد الاقصى.
وهناك ايضا الاحتجاجات الفلسطينية التي أدت إلى إندلاع مواجهات عنيفة مع الشرطة
الاسرائيلية قبل ثلاثة عشر عاما عندما أفتتح النفق الموازي لسور الحرم الشريف وأيضا
قبل عامين بسبب حفريات أسفل باب المغاربة أحد أبواب المسجد الاقصى.
لمعرفة ما يجري بالضبط كان علي النزول تحت سطح الارض لمشاهدة تلك الحفريات،
والمفاجأة بالنسبة لي كانت تلك المدن الغارقة تحت سطح الارض منذ أزمنة غابرة.
العلماء اليهود الذي حفروا تلك الانفاق يقولون إن هيكلهم أو مكان قدس الاقداس أو
الألواح كان على جبل الهيكل أي على الجبل الذي يعتليه المسجد الاقصى.
الدلائل التي عندهم كما قال الدليل السياحي الاسرائيلي الذي كان يرافق مجموعة من
اليهود الامريكيين الذين جاءوا لزيارة المكان "هذه البوابة الضخمة المغلقة بالحجارة
الان كانت البوابة التي تؤدي إلى الهيكل، وهذا الحجر الضخم هو أحد أساسات الهيكل".
الانفاق بديلا
البروفيسور دان باهت أشرف على حفر الانفاق ويرى أن المكان مهم جدا لليهود،
ويقول: "الجدار الغربي مقدس جدا عند الشعب اليهودي ولأن اليهود المتدينين لا يدخلون
جبل الهيكل لانهم يؤمنون أنهم ليسوا طاهرين كفاية، لهذا أصبح المكان بديل لهم".
اللافت أنه كلما عرضت على البروفيسور الاعتراضات من الفلسطينين والمسلمين ضد
الحفريات بسبب التشققات يذهب إلى القول ان "التشققات ليست بسبب الحفريات إلا بنسبة
خمسة في المئة ولكن السبب هو الجفاف بسبب أن البلدة القديمة تم تبليطها بالحجر بدل
الاسفلت من قبل اسرائيل".
الحفريات مستمرة أيضا تحت حي سلوان جنوب المسجد الاقصى وكأنه الحي أسفل الجبل،
الهدف الرئيسي هو العثور على أثار يهودية كما تقول سلطة الاثار الاسرائيلية والتي
شيدت في المكان موقع سياحي أسمته "مدينة داود"وتقول إنها عثرت على بعض الاثار
اليهودية ولكن العلماء المسلمين يتهمون الاسرائيلين بالكذب.
التقيت، وأنا أتجول في الانفاق تحت حي سلوان، مع اسماعيل كنعان من سكان حي سلوان
والذي بدى مطلعا على كل ما يجري ولم يكن راضيا كل الرضى.
إسماعيل، وهو فلسطيني، يرى أن الحفريات العلمية مفيدة ولكن ليس على حساب الوجود
الفلسطيني الحالي ويقول: "عندما يحفرون تحت بيت أو جامع كالذي تشقق، فنحن ضد هذا
لأنه يوجد ضرر مثل ما حدث في أحد المدارس فأحد الصفوف إنهار والطالبات كن في الصف،
فالواحد لا يهون عليه الجامع أو المدرسة".
يلقي مزيدا من الضوء على تاريخ مدينة القدس قبل آلاف السنين.
|
ووجدت حفريات اغريقية وفارسية ورومانية وبيزنطية واسلامية، بعضها يعود، كما
يقال، الى عصر الهيكل الثاني، اي في عهد عيسى المسيح.
علماء الآثار الاسرائيلين الجدد يحاولون تغير منهج المدرسة الاثرية القديمة التي
طالما ربطت بين علم الآثار من جهة والدين والتوراة من جهة اخرى.
البروفيسور دورون بن مالكي المشرف العام على الموقع الاثري اصطحبني في جولة في
القدس الاسلامية والبيزنطية والرومانية، ولكن عندما وصلنا الى قدس الهيكل الاول
سألته ان كان عنده دليل اثري علمي فأجاب: "فترة المعبد الاول ليست اسطورة بل حقبة
تاريخية، اما ما هي القصص الحقيقية فهذا سؤال آخر يحاول العلم الاجابة عليه، كلما
تقدمنا اكثر في الوقت توجد معلومات اكثر".
البروفيسور الاسرائيلي يرى ان عدم وجود آثار حقيقية ملموسة من تلك الفترة لا
ينفي وجود الهيكل، الذي تقول قصص التوراة ان الملك سليمان بناه، ويعزو ذلك الى وجود
دلائل في اماكن اخرى.
محاولات اثبات "الحقيقة"
اما علماء الاثار العرب فيخشون من ان يتحول البحث عن الحقيقة الى تغييب الحقيقة
القائمة وهدم الواقع الحالي ومنازل الفلسطينين للبحث عن هوية اليهود، علما ان
المسلمين يعتبرون سليمان الذي بنى الهيكل الاول نبي ابن نبي.
وفي هذا يرى خبراء ان المشكلة ليست بعلم الآثار بل بتأويل التاريخ لخدمة اهداف
سياسية.
البروفيسور دورون يرد على هذا باقول: "عندما كانت الادوات بدائية وبدون الكثير
من المعلومات اراد العلماء رؤية التوراة هنا، وحاولوا بكل الطرق ربط الامور ببعضها
ولما تطورت الوسائل ادركوا ان ليس كل الحقيقة كما أرادوها".
العلماء يحاولون فك الرموز والاسرار عبر سبر اعماق الزمن هنا، لتبقى الحقيقة
التاريخية غير مؤكدة، فالعثور على عملة معدنية سيوضح لهم الكثير، لكن المشكلة ايضا
هو ان العلماء الاسرائيلين والفلسطينين لا يعملون سويا بحثا عن الحقيقة التاريخية،
لهذا تلقى الحفريات في اي مكان آخر في العالم ترحيبا الا في القدس بسبب الصراع
السياسي ولاثبات او انكار الهوية.
تاريخ تحت الارض
انفاق وسراديب وممرات حفرت بموازة السور الغربي للمسجد الاقصى في المنطقة التي
يصلي فيها اليهود لايمانهم بأنه سور الهيكل اليهودي.
هنا يمكن رؤية تطور المدينة العمراني عبر العصور التاريخية المتعاقبة، فمستوى
المدينة الحالي غرب المسجد الاقصى رُفع في العصر المملوكي أي قبل سبعة قرون ببناء
الاقواس وفوقها المباني الاسلامية الحالية.
هذا ما قاله لي البروفيسور دان باهت الذي اشرف على الحفريات والانفاق في تلك
البقعة الحساسة.
احتجاجات فلسطينية على الحفر قرب الاقصى |
هذه الحفريات لم تتوقف يوما رغم اعتراض الفلسطينين عليها وخوفهم من تصدع أبنيتهم
المقامة فوقها، لكن سلطة الاثار الاسرائيلية تواصل التنقيب في القدس بحثا عن آثار
تدل على الوجود التاريخي لليهود في فلسطين.
اعمال التنقيب التي تجري من دون التنسيق مع الفلسطينين ادت إلى حدوث العديد من
التشققات في المنازل ولم تتوقف هيئة الاوقاف الاسلامية عن التحذير من ان اعمال
التنقيب تؤثر على أساسات المسجد الاقصى.
وهناك ايضا الاحتجاجات الفلسطينية التي أدت إلى إندلاع مواجهات عنيفة مع الشرطة
الاسرائيلية قبل ثلاثة عشر عاما عندما أفتتح النفق الموازي لسور الحرم الشريف وأيضا
قبل عامين بسبب حفريات أسفل باب المغاربة أحد أبواب المسجد الاقصى.
لمعرفة ما يجري بالضبط كان علي النزول تحت سطح الارض لمشاهدة تلك الحفريات،
والمفاجأة بالنسبة لي كانت تلك المدن الغارقة تحت سطح الارض منذ أزمنة غابرة.
العلماء اليهود الذي حفروا تلك الانفاق يقولون إن هيكلهم أو مكان قدس الاقداس أو
الألواح كان على جبل الهيكل أي على الجبل الذي يعتليه المسجد الاقصى.
الدلائل التي عندهم كما قال الدليل السياحي الاسرائيلي الذي كان يرافق مجموعة من
اليهود الامريكيين الذين جاءوا لزيارة المكان "هذه البوابة الضخمة المغلقة بالحجارة
الان كانت البوابة التي تؤدي إلى الهيكل، وهذا الحجر الضخم هو أحد أساسات الهيكل".
الانفاق بديلا
البروفيسور دان باهت أشرف على حفر الانفاق ويرى أن المكان مهم جدا لليهود،
ويقول: "الجدار الغربي مقدس جدا عند الشعب اليهودي ولأن اليهود المتدينين لا يدخلون
جبل الهيكل لانهم يؤمنون أنهم ليسوا طاهرين كفاية، لهذا أصبح المكان بديل لهم".
اللافت أنه كلما عرضت على البروفيسور الاعتراضات من الفلسطينين والمسلمين ضد
الحفريات بسبب التشققات يذهب إلى القول ان "التشققات ليست بسبب الحفريات إلا بنسبة
خمسة في المئة ولكن السبب هو الجفاف بسبب أن البلدة القديمة تم تبليطها بالحجر بدل
الاسفلت من قبل اسرائيل".
الحفريات مستمرة أيضا تحت حي سلوان جنوب المسجد الاقصى وكأنه الحي أسفل الجبل،
الهدف الرئيسي هو العثور على أثار يهودية كما تقول سلطة الاثار الاسرائيلية والتي
شيدت في المكان موقع سياحي أسمته "مدينة داود"وتقول إنها عثرت على بعض الاثار
اليهودية ولكن العلماء المسلمين يتهمون الاسرائيلين بالكذب.
التقيت، وأنا أتجول في الانفاق تحت حي سلوان، مع اسماعيل كنعان من سكان حي سلوان
والذي بدى مطلعا على كل ما يجري ولم يكن راضيا كل الرضى.
إسماعيل، وهو فلسطيني، يرى أن الحفريات العلمية مفيدة ولكن ليس على حساب الوجود
الفلسطيني الحالي ويقول: "عندما يحفرون تحت بيت أو جامع كالذي تشقق، فنحن ضد هذا
لأنه يوجد ضرر مثل ما حدث في أحد المدارس فأحد الصفوف إنهار والطالبات كن في الصف،
فالواحد لا يهون عليه الجامع أو المدرسة".