بدأ سعر المعدن الأصفر تداولات الأسبوع في بورصة لندن للمعادن على تراجع مواصلا انخفاضه لليوم الثالث على التوالي في ظل بوادر انتعاش الدولار مقابل اليورو الأمر الذي حد من الطلب بدافع الاستثمار في الأسواق على المعدن.
وجاء انتعاش سعر الدولار كرد فعل للخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما والتي تبنت حزمة من عمليات الانفاق على مشاريع البنية التحتية وإجراءات خفض الضرائب وذلك بهدف المساهمة في إيجاد نحو 3 ملايين وظيفة.
وتشير تقديرات أوردتها شبكة بلومبرج الإخبارية إلى أن سعر المعدن الأصفر الذي يسير في الاتجاه المعاكس لتحركات سعر الدولار قد تراجع بنحو 2.3 % على مدى خمسة أيام أى منذ بداية العام الجديد بينما ارتفع سعر العملة الأمريكية بحوالي 2.1 % أمام اليورو خلال نفس الفترة .
وتراجع السعر الفوري للمعدن الأصفر في لندن مع أول تعاملات الأسبوع بـ 12.7 دولار او 1.5 % ليبلغ 862.64 دولار كما انخفض سعر العقود الآجلة لشهر فبراير في بورصة نيويورك للسلع بـ17.10 دولار أو 1.9 % ليبلغ 862.4 دولار.
ورغم التراجع المسجل للمعدن الأصفر في بداية العام الحالي إلا أن احد المحللين لدى مجموعة ستاندرد بانك في جوهانسبرج يرى ان المزيد من الانتعاش في أسعار النفط يجب ان يسهم دعم أسعار المعدن خاصة مع تزايد التقلبات في أسواق الصرف.
وكان سعر المعدن الأصفر قد سجل تراجعا في العام الماضي بنحو 5.8 % حيث اعتبر ذلك ثامن ارتفاع سنوي على التوالي, فرغم الانهيارات غير المسبوقة التي اجتاحت أغلب أدوات الاستثمار المتعارف عليها عالميا وفي مقدمتها أسواق الأسهم التي فقدت العام الحالي قرابة الـ30 تريليون دولار إلا أنه بات من الواضح أن المعدن الأصفر يمكن اعتباره بمثابة الملاذ الآمن الوحيد الذي نجح إلى حد كبير في الصمود أمام طوفان الخسائر والذي لم تنجو منه حتى أسواق العملات.
ولعل ما يؤكد تلك الحقيقة وهو أن المعدن الأصفر قد ارتفع العام الحالي بنحو 3.8% الأمر الذي حصن بصورة واضحة أموال المستثمرين في المعدن بعيدا عن انهيارات أسواق المال والصرف خاصة مع الاتجاه المتراجع لأسعار الفائدة عالميا.
ورغم الارتفاع الذي أحرزه بذلك المعدن الأصفر للعام الثامن على التوالي إلا أن ارتفاعات 2008 تعد الأقل من عام 2001 حيث تمكن المعدن من مواصلة جذب الأموال الساعية لتنويع قنوات الاستثمارات لتجنب المزيد من الانخفاضات في العملات وأسواق المال.
وتقدر نسبة ارتفاع سعر المعدن الأصفر في 2008 مقوما باليورو والإسترليني وذلك بنحو 7.8% كما يشير تقرير أوردته شبكة بلومبرج الإخبارية.
وحول أداء المعادن الرئيسية الأخرى لم يتمكن البلاتين بالطبع المستخدم بشكل أساسي في عمليات تصنيع السيارات من الصمود أمام موجة الكساد التي تجتاح الاقتصاديات الصناعية والناشئة ليتراجع سعر المعدن خلال 2008 بنحو 4.1% وهو ما يعد أكبر تراجع منذ عام 1998 كما تراجع البلاديون بنحو 50% وقد هبط سعر الفضة خلال العام بنحو 26% ليعد ذلك أسوء أداء للمعدن منذ عام 1984.
ومن الواضح أن العامل الجيوسياسي سيظل يمثل ورقة دعم للمعدن الاصفر في ظل أجواء التوتر التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط على خلفية العداون الإسرائيلي الحالي على غزة, وفي الوقت الذي تشهد فيه الحدود الباكستانية الهندية حالة تأهب قصوى لاحتمالات حدوث مواجهة عسكرية.
ومن المعروف وكما تشير تقديرات المجلس العالمي للذهب فإن الهند تعد أكبر مستهلك للمعدن الأصفر على مستوى العالم حيث بلغت حصتها في العام الماضي من إجمالي مشتريات المعدن بنحو 20 %.
وهناك عامل أخر سيدعم تحركات المعدن الأصفر وسيعزز من مكانته كملاذ آمن للاستثمار خلال المرحلة الراهنة يتمثل في استمرار حالة القلق التي تنتاب أسواق المال بشكل عام لما تخبئه الأزمة العالمية من تداعيات جديدة في الوقت الذي تتجه فيه معدلات العائد على أغلب العملات الرئيسية نحو التراجع خاصة الدولار حيث اقترب سعر الفائدة نحو الصفر.
المصدر:
المحيط